أحدثت المصاعد ثورة في المدينة الحديثة، فقد ساعد هذا الابتكار وحده على ظهور ناطحات سحاب في كل أنحاء العالم، وارتفعت المباني لعنان السماء. ثم تدهور هذا الابتكار، حيث ظلت المصاعد تتبع نفس الخطوات – الرأسية – التي قدمها الرواد في القرن التاسع عشر، ولكن هذا تغير الآن، حيث تعمل شركة ألمانية على إتقان مصعدها الخالي من الكابل ومتعدد الاتجاه. وبفضل هذا الطموح والعمل قد تصبح المصاعد في المستقبل ابتكارًا رائدًا مرة أخرى يفتح عالما من الاحتمالات أمام المعماريين والمصممين.
حل مبتكر لمشكلة شائعة
قد تبدو المصاعد متعددة الأبعاد خيالية جدًا وأشبه بالخيال العلمي، ولكنها ذات أصول عملية متأصلة، حيث يمكن أن يساعد المصممون والمعماريون على تحقيق هذا الأمر، فقد قال أحد ممثلي “ثيسن كروب” أن أحد التحديات التي تسعى الشركة للتغلب عليها العقبات التي تجدها أنظمة المصعد التقليدية. وفي محاولاتهم للوصول إلى الحلول المناسبة، كانت الإجابة دائمًا هي إما زيادة القدرة أو زيادة السرعة. عندما تزيد السرعة بشكل أسرع من اللازم، يستجيب الجسد البشري بشكل سلبي، لذلك يجب زيادة القدرة. ولكن كيف؟ إنه الرفع المغناطيسي
ستصعد لأعلى؟ ماذا لو تحركت أفقيًا؟
تعتمد المصاعد حاليًا على نظام الأوزان، والأوزان المضادة، والكابلات، والبكرات الذي يسمح لهم بالحركة رأسيا داخل بئر مصعد. هذا النظام مُطبق منذ أكثر من 160 عام ولم يحدث به سوى تغييرات بسيطة. يسمح الحل البديل الذي تقدمه شركة “ثيسن كروب” بالحركة متعددة الأبعاد، وهي استجابة لاستفسار المعماريين عن كيفية تقليل العقبات.
يستخدم النظام الجديد تقنية الرفع المغناطيسي (أو ماج ليف) بدلاً من الكابلات. وهذه التكنولوجيا “مالتي” مدفوعة بالمغناطيسيات، وتحرك المصاعد في حلقة بدلاً من الحركة في بئر مصعد عمودي. بهذه الطريقة، يمكن أن تعمل عدة عربات مصعد في نفس المسار وفي نفس الوقت، رأسيًا وأفقيًا، وبسرعة 5 متر في الثانية، وتتوقف العربة في محطات كل 50 متر.
إن الميزة هنا هي أن العربات ستتوقف كل 15-30 ثانية، مما يقلل زمن انتظار الركاب بنسبة كبيرة.قد يتساءل أي شخص عن مدى أهمية هذا الوقت؟ فكر في موظفي مكتب مدينة نيويورك الذين يقضون 16.6 سنة من حياتهم بانتظار المصاعد. اسألهم عن مدى أهمية تقليل زمن الانتظار.
من المقدر أن تقنية “مالتي” يمكن أن تزيد قدرة الانتقال بما يصل لـ 50%، مما سيحل مشاكل الازدحام. تخيل كم الاحتمالات التي ستقدمها هذه التقنية الآن. ما الذي يحمله المستقبل للمعماريين والمصممين والمصاعد؟ وكيف يمكنهم التأكد من مواكبة أحدث التقنيات باستمرار؟
السماء هي الحَد
قد تكون جذور المصاعد متعددة الأبعاد عملية جدًا، ولكنها تتفرع لما هو أكثر من هذا، وحدها الوحيد هو خيال المصممين والمعماريين. إن تكنولوجيا “مالتي” لا تنقل الركاب وحسب، بل تمتلك إمكانية تحويل شكل المباني. تخيل ابتكارات التصميم التي يمكن لهذه التغييرات تحويلها إلى واقع.
كفاءة الطاقة
من الصعب قياس استهلاك المصاعد للطاقة لأنه يعتمد على مجموعة عوامل متنوعة، من عدد الطوابق والعربات إلى نوع نظام المعيشة ومقدار المرور. صحيح أنه من الصعب الوصول لإجابة، إلا أنه لا شك أن المصاعد تستخدم مقدار كبير من الطاقة. والتصميم هو أحد أسباب هذا.
يقول ممثل شركة “ثيسن كروب”: “تستخدم المصاعد التقليدية الكثير من الطاقة عندما تبدأ الحركة، ولكن هذا الاندفاع في الطاقة لا يحدث في “مالتي”، بل تستهلك الطاقة بطريقة سهلة وسلسة”.
إضافة إلى هذا، يُصنع المصعد من مواد أخف بكثير، مما يفتح الباب أمام شهادة LEED والأنظمة غير الضارة بالبيئة التي توفر الطاقة وتقلل بصمة الكربون، وكل هذا يلهم مُلاك المباني والمستخدمين النهائيين، والتصميمات المستقبلية.
نهاية التطابق
لن يكون ارتفاع المبنى محدودًا بارتفاع آبار المصعد ولن يكون شكله محدودًا بالاصطفاف الأفقي. سيتمكّن المعماريون من التفكير بشكل جذري أكثر، وسيتحرروا من القيود المادية لأعمدة المصاعد الحالية.
ما معنى كل هذا؟ لا يجب على المعماريين والمصممين التفكير دائكا حول (الأعلى والأسفل)، حيث سيتمكنون من تنفيذ الحركة بشكل متعرج، ويمكنهم إزالة كلمات مثل “غير قياسي” و”مستحيل” و”غير ذي جدوى” من قاموسهم، واستبدالهم بكلمات كـ “الجيل التالي” و”التكنولوجيا الرائدة”، و”واو!” ببساطة.
لعل الشركات ذات الفِكر المبتكر ستون طليعة الصناعة، ويمكنها مساعدة المعماريين والمصممين على مواكبة أحدث التطورات في الهندسة والتكنولوجيا، مع انتهاز فرصة تطوير المصاعد بشكل لم يكن له مثيل من قبل.
قد يصبح الركاب قادرين على الضغط على ما هو أكثر من زر “أعلى” و”أسفل. ولكن الأكثر إثارة هو ما سيأتي بعدها، جيل من المباني المبتكرة التي تسمح للمعماريين والمصممين بالوصول لما هو أكبر بكثير من مباني اليوم، وإعادة تعريف خطوط الأفق في العالم بأكمله. إن الدخول في شراكة مع شركة مصاعد ذات تفكير مستقبلي مبتكر سيُمكّنك من دخول الطابق الأرضي ثم الذهاب لأي مكان تريد.
LEAVE A REPLY